اثر قاعدة تغير الفتوى في السياسة الشرعية

الملخص

إن مقام الإفتاء في دين الله، مقام عظيم، لا يجوز الاستهانة به، ولا توليته لمن ليس أهلاً له، لذلك من أبرز ما ينبغي أن يهتم به المفتي، هو مراعاة موجبات تغير الفتوى، والتي قد نصَّ عليها المحققون من علماء الأمة، والتي بسببها تتغير الفتوى، إلى ما يناسب الزمان والمكان والعرف والحال، والذي لا يخالف الشريعة الإسلامية.

   والسياسة الشرعية تعد من أبرز الموضوعات التي أولاها علماء الشريعة قديماً وحديثاً أهمية كبيرة، وذلك بالنظر إلى دورها الفاعل في بناء الأحكام الشرعية المختلفة للوقائع والحوادث، في جميع مجالات الحياة، وحيث تتعلق الفتوى في مجال السياسة الشرعية غالبا بما لم يرد فيه نص خاص، وذلك لتدبير شؤون الرعية، ودفع المظالم، وردع أهل الفساد. وتستند في الغالب على قواعد الشريعة العامة، وعلى مقاصدها الكلية، وهذا يدل على أصل كمال الشريعة، وعموم أحكامها بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه البلاد والعباد.

وهذا البحث يهدف إلى بيان مدى ّ تغير أحكام السياسة الشرعية، من حيث المفهوم، وضوابط، مع إيراد بعض النماذج المعاصرة له، من خلال المنهجين الاستقرائي والاستنباطي.
ومن أبرز ما توصل إليه الباحث أن العمل بالسياسة الشرعية لا يأتي كيفما اتفق، بل يقوم على أصول وقواعد شرعية، وينضبط بضوابط معينة، وأن أحكامها متغيرة تبعاً ّ لتغير المصالح والمقاصد الشرعية المرعية عند اتخاذها على الرعية لتدبيرشؤونهم ورعاية مصالحهم، دينياً ودنيوياً.