الثورات العلوية في عصر الإمام الصادق (ع) وموقفه منها

(ثورة محمد ذو النفس الزكية(145هـ/763م) أنموذجاً)

الملخص

إن الصراع بين الحق والباطل قائم منذ ان خلق الله تعالى آدم (على نبينا وآله وعليه السلام)، وما زال مستمراً ما دام هناك منهجان وسيرتان، وسيستمر هذا الصراع حتى يأذن الله تعالى بانتصار الحق على الباطل، حيث يورث الله سبحانه الأرض لعباده الصالحين.

ولكل طرف في الصراع قادته ورجاله الذين يدافعون عن منهجهم ووجودهم، فأتباع الحق يريدون للبشرية السعادة وللإنسانية القسط والخير، أما أهل الباطل ورموزه فلا يفكرون إلا في مصالحهم وأهوائهم، ويمارسون شتى أنواع الظلم، فلم يسلم الحرث والنسل من جورهم وفسادهم على مر الدهور.

وللتأريخ فإن المسلمين السائرين على نهج علي وأولاده (عليهم السلام) منذ بزوغ فجر الإسلام الساطع وعلى طول التاريخ لم يكونوا يوماً ما مصدر قلق أو تفرقة للأمّة الإسلامية، فضلاً عن أن يكونوا منبع حرب وعدوان على غيرهم، ولم يمنحوا على مدى سيرتهم الطويلة سوى الرحمة والعفو والاحسان إلى بني البشر سواء أكانوا مسلمين أم كفار، بل لم يضعوا العراقيل ولم يصطنعوا الدمار ولا تمنوا الشر للغير، فضلاً عن زرع بذوره ونشر سمومه، سائرين على نهج الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلـم) الذي نطق به التنـزيل ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾، فهو الرحيم بأمته والشفيق عليهم، وكانت سيرته هادية إلى الخير والسعادة، وسار على نهجه أهل بيته وأولاده من بعده فهم أئمة الهدى ومصابيح الدجى (عليهم السلام).